مقدمة كتاب "رحلة الإيمان: من البداية إلى النهاية"

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش، الحمد لله الذي خلق القلم وأمره بكتابة مقادير الخلق، وجعل الشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، فأبدع خلقه وأتقن صنعه، وجعل في ذلك آيات لأولي الألباب. والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله، الذي أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد،

فإن هذا الكتاب الذي بين أيديكم هو محاولة لتقديم رؤية متكاملة لقصة الخلق وأحداث التاريخ الإسلامي، مستوحاة من العمل العظيم الذي قدمه الإمام ابن كثير رحمه الله في كتابه "البداية والنهاية". وقد اخترت أن أسمي هذا الكتاب "رحلة الإيمان: من البداية إلى النهاية"، لأنني أراه ليس فقط كتابًا يسرد الأحداث التاريخية، ولكنه سفر روحي وفكري يأخذ القارئ في رحلة إيمانية عميقة، يبدأ فيها مع خلق الكون والإنسان، ويتدرج عبر حياة الأنبياء وقصص الأمم، لينتهي بتأمل النهاية المحتومة للبشرية، حيث يقف كل إنسان أمام ربه ليحاسب على أعماله.

رؤية الكتاب

إن "رحلة الإيمان: من البداية إلى النهاية" ليس مجرد كتاب يتحدث عن أحداث تاريخية أو قصص من الماضي، بل هو رسالة تحمل في طياتها دعوة للتأمل والتفكر في قدرة الله عز وجل، وحكمة التدبير الإلهي في كل ما جرى وسيجري. فمنذ لحظة خلق الكون وحتى نهاية العالم، تتجلى حكمة الله في كل شيء: في خلق الإنسان، في إرسال الأنبياء، في تطور الأمم والحضارات، وفي النهاية المحتومة التي تنتظر الجميع.

إن الهدف من هذا الكتاب هو تقديم المعرفة التاريخية والدينية في قالب يجمع بين البساطة والعمق. فلا يقتصر على السرد فقط، بل يسعى إلى استخراج الدروس والعبر من كل قصة ومن كل حدث. كما أن الكتاب يحاول إعادة إحياء المعاني التي تجعلنا ندرك أن التاريخ ليس مجرد أحداث ماضية، بل هو جزء من التجربة الإنسانية التي نتعلم منها كيف نعيش حياتنا ونوجه مساراتنا.

محتوى الكتاب

الجزء الأول: البدايات الأولى

يبدأ الكتاب بأحداث الخلق الأولى، حيث يروي قصة خلق القلم، وتحديد المقادير، ثم خلق السماوات والأرض، وما بينهما من كائنات ومخلوقات. ينتقل الكتاب إلى الحديث عن خلق آدم عليه السلام وزوجه حواء، ويسلط الضوء على تلك اللحظات الأولى التي بدأ فيها الإنسان رحلته على الأرض، بدءًا من النزول إلى الأرض مرورًا بالتجارب الأولى للحياة البشرية.

الجزء الثاني: رحلة الأنبياء

يسلط هذا الجزء الضوء على قصص الأنبياء، الذين كانوا النور الذي أرسله الله لهداية البشرية. يروي الكتاب قصصهم بأسلوب مشوق وموثق، بدءًا من نوح عليه السلام الذي كان أول الرسل، إلى إبراهيم عليه السلام الذي كان أمة في رجل واحد، إلى يوسف عليه السلام وقصته التي هي من أحسن القصص، إلى موسى وعيسى عليهما السلام، وصولًا إلى خاتم الأنبياء محمد ﷺ.

في هذا القسم، لا يتم سرد القصص فقط، بل يتم التركيز على المعاني العميقة التي يمكن استلهامها من حياة كل نبي، مثل الصبر في مواجهة الأذى، الإصرار على الدعوة رغم الصعوبات، والاعتماد الكامل على الله في كل الأمور.

الجزء الثالث: تطور الأمة الإسلامية

يغطي الكتاب في هذا الجزء الأحداث الكبرى التي مرت بها الأمة الإسلامية بعد بعثة النبي محمد ﷺ. يبدأ بالغزوات التي خاضها النبي ﷺ وأصحابه، ثم يتناول تأسيس الدولة الإسلامية في المدينة، ووضع أسس الحكم الإسلامي.

ينتقل الكتاب إلى عصر الخلفاء الراشدين، مستعرضًا إنجازاتهم في نشر الإسلام وتحقيق العدالة، ثم يتناول الأحداث التي شهدتها الدولتين الأموية والعباسية، بما فيها من نجاحات وإخفاقات، وتأثيرهما على تطور العلوم والثقافة الإسلامية.

الجزء الرابع: النهاية وأحداث القيامة

في هذا الجزء، ينتقل الكتاب إلى الحديث عن المستقبل الذي ينتظر البشرية. يبدأ بسرد علامات الساعة الصغرى والكبرى، مثل ظهور المسيح الدجال، ونزول عيسى عليه السلام، وخروج يأجوج ومأجوج.

ثم يتحدث الكتاب عن أحداث يوم القيامة بالتفصيل: الحشر، الحساب، الميزان، والصراط. يصف الكتاب الجنة ونعيمها، والنار وعذابها، مؤكدًا على أن النهاية الحقيقية للإنسان تعتمد على إيمانه وأعماله في الدنيا.

رسالة الكتاب

إن هذا الكتاب ليس فقط محاولة لسرد التاريخ أو تفسير أحداثه، بل هو دعوة صادقة للتأمل في عظمة الخالق، ولإدراك الحكمة التي تجلت في كل قصة وكل حدث. إنه تذكير بأن الحياة قصيرة، وأن العمل الصالح والإيمان هما السبيل الوحيد للفوز في الدنيا والآخرة.

إن "رحلة الإيمان: من البداية إلى النهاية" يعكس رغبة الكاتب في تقريب هذه المفاهيم العظيمة إلى القارئ، سواء كان باحثًا عن الحقائق أو قارئًا عاديًا يتطلع إلى معرفة المزيد عن دينه وتاريخه.

خاتمة المقدمة

إني أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا الكتاب نافذة للخير، ووسيلة للتأمل والتقرب إليه. وأسأله أن ينفع به كل من يقرأه، وأن يجعله سببًا للهداية والنور. وأتمنى أن يجد القارئ في هذا العمل ما يلامس قلبه ويزيد من إيمانه ويقينه.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
والحمد لله رب العالمين.